من يوميات طبيب امتياز

أنا .. هو .. وياسين

يوم الأربعاء : الثامنة الا ربع صباحا :

كوب قهوةو دفتر ملاحظات , افتش بين مرضاي عن نتائج آخر تحاليلهم ،
فلان أشعة صدره سليمة يستطيع أن يذهب الى البيت ، الاخر وظائف كبده مازالت مرتفعة ، يحتاج الى البقاء , أما هي ف الصوديوم لديها يابى العودة الى المستوى الطبيعي رغم جميع محاولاتنا..
أحدهم ليس بالقائمة .. ياسين
ذلك السبعيني ذا الحالة المعقدة ..
أحضره ابنه منذ أيام يشكو من اسهال فقط .. قبل أن يتجاوز قسم الطوارئ أصابته جلطة في الدماغ أفقدته الحركة والقدرة على الكلام .. تلاها بيومين تسارع في نبضات القلب .. تلاها التهاب رئوي .. جلطة قلبية .. فقد الوعي .. القدرة على التميز .. أصبح ينادي ابنه بسيدي ..
كان يتدهور من سيئ الا أسوا بدون سبب معروف

تذكرت الأمس فقط ..
مشادة حادة جرت بين فريقي في قسم الجهاز الهضمي .. وين قسم القلب ..
لا يريدون مراجعة حالته .. سبب دخوله المستشفى معوي .. هو مريضكم اذن
هكذا قالو ....
نعم ولكن حالته تدهورت كثيرا و اصبح مريضا للأعصاب و الجهاز التنفسي و القلب
كل شيء لديه تحت السيطرة الا قلبه ... تابعوه .. ردنا كان
نحن فريق متخصص لا نرى الا من هو على وشك الموت بسبب قلبي
تستطيعون أن تعالجو امراض القلب الأخرى أنتم
احتدم النقاش .. مضى كل فريق غاضبا

كنت أكثرهم غضبا .. خصوصا بعد ليله متعبة قضيتها في الطوارئ .. أتممت 18 ساعة عمل متواصلة بدون راحة .. منها ساعتين عالأقل محاولة الاتصال بأحد أخصائي القلب بدون نتيجة ..

عاينت ياسين بعدها .. فوق كل مصائبه .. شيء ما فيه كان مقلقا ..
قلبه ..
اصررت على رأي .. وثقت في ملفه : يحتاج الى عناية قلبية متخصصة
نفس العبارة التى استخدمها طبيب القلب ليتهرب من الحالة ..
عدت الي أخصائي القلب .. أريته نتائج تخطيط القلب .. مستوى الانزيمات .. سرعة النبض ..
قال : سنراه لاحقا ... لم يعودو ليروه ...

نعود للاربعاء :
أنهيت قهوتي .. ذهبت لأقابل فريقي ..
- دكتورة ياسين مو عالليست .. شو تعب و نقلو العناية المركزة ؟؟
- ياسين مات مبارح .. كان في كرش كول بعد ما مشيتي مباشرة ..
- لا اله الا الله .. ماذا حدث ..
- قلبه زادت سرعة نبضه .. أصبحت غير منتظمة .. حاولنا بكل الطرق .. لكه مضى ..
أحسست بمرارة حلقي ..
لم يمت .. لقد قتلوه باهمالهم .. لم أقلها علنا ..
سيظلون عمالقة المستشفى .. وأبقى طبيبة امتياز تحت التدريب ..

العاشرة من صباح الأربعاء .. كنا في جولة تفقدية لمرضانا
تقابل فريقانا في نفس الممر .. نحن و أطباء القلب
لم يكن من مجال للكلام .. تجاهل أحدنا الآخر ..
لم أستطع .. ثبتت نظري بين سرير ياسين الفارغ وبين المتخصص الذي اعطاني محاضرة بالأمس عن ان ياسين لا يعاني من مشكلة قلبية متخصصة ..
لم يستطع النظر .. هرب بعيناه .. طأطأ رأسه .. ومضى ..

هو ايضا يعلم جيدا أنهم قتلو ياسين ..

حديث له بقيه

حسبي الله ونعم الوكيل