خلق الله الانسان على مراتب يتكامل فيها شيئا فشيئا (ولقد خلقكم اطوارا) وقد خمر الله طينة ادم بيده اربعين صباحا فالانسان قبل خلقه لم يكن شيئا يذكر (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ) وايضا الانسان عندما يموت يبدو للعيان كانه لم يكن شيئا يذكر (اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا )
اذن اول ما خلق الله تعالى الانسان خلقه من تراب (من طين لازب ) ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين من نطفه من مني يمنى ثم من علقه ثم من مضغة مخلقة او غير مخلقه ليقر في الارحام ثم جعله عظاما ثم كسى العظام لحما ثم انشائه خلقا اخر ثم اخرجه طفلا ليبلغ اشده ومنهم من يتوفى ومنهم من يرد الى ارذل العمر قال تعالى (ثم خلقنا النطفة علقه فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عضاما فكسونا العظام لحما ثم انشئناه خلق اخر فتبارك الله احسن الخالقين ) (ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علما شيئا ) ففي هذه المراتب يتكامل الانسان شيئا فشيئا تتوفرلديه اولا النمو ثم الحركه ثم التكاثر والعقل وهنا لابد من الاشاره الى ان خلق الانسان اذا اكتمل بث الله فيه الرو وهي خلقا غير البدن ومنفصله عن البدن في صفاتها فهي الباقيه والتي اوجدها الله لتبقى واما المراتب السابقه فانما خلقت لتكون محلا له وعشا وغلافا حافظا وهو الانسان بالحقيقه وانما البدن اله لتحصيل كمالاته خارج عن ذاته فاذا حصل له الكمالات وصار كاملا استغنى عن البدن لامحاله لذلك الانسان كلما كمل عقله وازداد عمره ازداد في بدنه وهنا وضعفا فكلما ازداد الروح كمالا ازداد البدن موتا الى ان يحيى هذا كلا ويموت هذا كلا .
وهنا الموت والبعث فهما منزلان من منازل هذا الطريق لابد من المرور عليهما لامحاله ولامفر منهما فهما ضروريان للانسان (اينما تكونو يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيده )(قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم )
ولما كان الموت والبعث واقعين في طريق هذه الحركه وقد راى الناس في سلوكهم هذا كثير من المراتب السابقه عليها بقطعهم اياها ثم ينكرون مابعد ذلك قال الله تعالى معاتبا اياهم (ولقد علمتم النشاة الاولى فلولا تذكرون ) ومن ذلك يتضح ان الموت لايعدمنا ولذلك قال النبي (ص ) (خلقتم للابد وانما تنقلون من دار الى دار ) وكيف تعدم النفوس وقد جعل الله سبحانه في طبائعها محبة الوجود والبقاء وجعل في جبلتها كراهة العدم والفناء واما كراهية النفس بموت الجسد الذي هو عائق عن حياتها السرمديه وبقائها الابدي