a7med الدعم الفني
عدد المساهمات : 578 تاريخ التسجيل : 28/11/2009 العمر : 34
| موضوع: أشباح الموت الجزء السابع السبت ديسمبر 19, 2009 4:51 am | |
| رحنا نشق أروقة المشفى لنصل إلى غرفة أخي
كنت أقرأ كل لوحة إرشادية أراها أمامي
لعلي أطرد بعض القلق،
كان يوجد على باب كل غرفة لوحة ،
كتب عليها باللغتين العربية و الإنجليزية ،
طبيب الأسنان ،
الأنف و الأذن و الحنجرة ،
طبيب الأطفال ،
العناية المركزة .
و هنا ابتلعت ريقي ،
و بدأت أقضم أظافري ،
كانت تلك عادتي إذا شعرت بالقلق أو التوتر .
كان أبي و عمي يقفان أمام الغرفة ،
يتشاوران فيما حدث ، و كل
منهما يطرح سببا لظهور أخي المفاجئ ،
لقد سمعنا جزءا من حوارهما و نحن نقترب منهما .
سمعت أبي يقول :
–.... ، كل شيء وارد ، ربما ضربوه حتى ظنوا أنه مات ، ثم
تركوه ! ، أو ربما تركوه ليموت ببطء ،
كنوع من التعذيب .
ثم استطرد غاضبا :
– أنجاس !
قال عمي :
– أعتقد أنك أصبت في الثانية ، إذ أنهم
ليسوا بالغباء الذي يجعلهم يظنون أن أحد الأشخاص الأحياء ميت ،
لا بد أنهم خبيرون بالجثث ،
لا ندري !
ثم أكمل و هو ينظر إلينا :
– ربما كانوا خبيرين بمعرفة حالة الشخص – إن كان حيا أو ميتا –
من أول نظرة .
قال أسامة لأبي :
– ألم يخرج الطبيب بعد ؟!
فأماء أبي رأسه بالنفي
فتعجبت من سؤال أسامه و قلت :
– لكنك قلت أن سامر بخير !
فتجاهلني و عاد ليسأل أبي :
– ماذا عن الممرضين ، ألم يخبركم أحد أي شيء ؟!
فأماء أبي رأسه بالنفي مرة أخرى .
فقلت بغضب:
– ماذا يا أسامة ؟ لقد قلتَ أن الطبيب طمأنكم !
فتجاهلني مرة أخرى و تمتم قائلا :
– غريب ! مع أن المسعفين قالوا أن حالته ليست بالخطيرة !
فغضبت و هتفت قائلة :
– لم كذبت و قلت أن سامر بخير ؟!
لم لا تجيبني ؟
فتأفف ،
والتزم الصمت .
فقلت له :
– لست طفلة لتخاف علي من أثر قول الحقيقة !
فهاج و قال :
– لقد كنت أتفاءل ، كنت أحلم و أتمنى ،
و هل هذا أيضا ممنوع بالقانون الدولي ؟
اصمتي لمدة خمس ثوان فقط ،
و سأكون شاكرا لك .
و بعد مدة قلت :
– منذ البداية استغربت أن الطبيب حدد حالته
خلال أقل من ربع الساعة .
كدت أذرف الدموع في تلك اللحظة ،
إذ أن الفرحة لم تتم و لا حتى شطرها الأول ،
و هو أن نطمئن على حياته على الأقل .
أسند أسامة ظهره إلى الحائط المقابل للغرفة ،
و كتف يديه ،
و أسند قدمه اليسرى إلى الحائط .
أما أبي فيقطع الرواق ذهابا و إيابا ،
عمي واقف قرب الباب ،
و ينظر إلى الساعة بين الحين و الآخر ،
و أمي و خالتي تجلسان على كراسي الانتظار ،
أنا و أسماء نقف بجوار بعضنا البعض ،
قرب أمي و خالتي ،
في صمت تام .
حتى لو تحدث إلي أحدهم لن أكون قادرة على تحريك لساني .
أثناء انتظارنا المميت ،
مر من أمامنا ثلاثة من الممرضين ،
يجرون سريرا متحركا نحو غرفة العمليات ،
كان على السرير رجل أعتقد أنه في عقده الخامس ،
مغمى عليه ،
أحدث مرورهم ضجة في المكان بعد هدوء مطبق ،
و بعد أن اختفوا من الرواق ،
جاءت سيدة مسرعة ،
تلفتت يمينا و يسارا عند مفترق الأروقة ،
ثم أكملت طريقها نحونا عندما رأتنا ،
وصلت إلينا ،
ثم قالت :
– السلام عليكم يا أختي .
أجابتها أمي ببطء و صوت شبه مقطوع :
– و عليكم السلام....
فقالت أسماء :
– و عليكم السلام يا خالة ، هل نستطيع مساعدتك بشيء ؟
فقالت السيدة القلقة :
– نعم يا ابنتي ، أريد أن أعرف ، أين هي غرفة العمليات ؟
استنتجت حينها أن لها صلة بذلك الرجل ذو العقود الخمسة .
أشارت أسماء إلى جهة غرفة العمليات بصمت
فقالت السيدة :
– شكرا جزيلا يا ابنتي ،
ثم أكملت السير و هي تردد :
– اللهم اشفي مرضاهم
و مرضانا ،
اللهم اشفي كل مرضى المسلمين .
تمتمت أسماء :
– اللهم آمين .
و عدنا إلى الانتظار القاتل ،
و فجأة ،
تحرك مقبض باب الغرفة ،
و لم يكد الطبيب يخرج من الغرفة
حتى تحلقنا حوله .
قال أسامة :
– " بشر يا دكتور "
تنهد الطبيب ببطء ، و هو يدور ببصره
إلى كل واحد منا .
– كلكم أهله ؟!
فقال أبي :
– أجل .
قال الطبيب :
– من ولي أمره ؟
تقدم أبي خطوة و قال :
– أنا .
ثم استطرد :
– لا بأس أيها الطبيب تكلم .
فقال الطبيب :
– منذ متى و سامر لم يتناول الطعام أو يشرب الماء ؟
التفتنا إلى بعضنا ولم نعرف بماذا نجيبه .
أردف الطبيب :
– لقد بذل سامر مجهودا كبيرا في الأيام السابقة ،
و دون أن يحصل على الغذاء اللازم ،
أليس كذلك ؟
ثم إن الكدمات تغطي جسده كليا !
هل اعتدى عليه أحد ما ، هل تحبون تبليغ الشرطة ؟
تحير أبي من السؤال ،
و لم يقل شيئا .
ضربت قدم أسامة برفق بقدمي ،
و تظاهرت بالغضب و قلت :
– لا بد أنهم " شلة المخربين " .
و نظرت إلى أسامة .
فقال :
– نعم ، لقد نبهت عليه أكثر من مرة أن يبتعد عنهم ،
إنهم حمقى ، لا يعجبهم أن
يروا شخصا مرتاحا .
فأكملت الكذبة و أنا أنظر إلى أبي :
– المشكلة أن هؤلاء المشاغبين أبناء لأصدقاء
أبي المقربين ، فكم مرة
أردنا أن نشكو عليهم في المخفر ،
لكن أبي رفض من أجل أصدقاءه .
اندهش أبي من كذبتنا ، و راح يتلفت نحو كل منا ،
لقد أدرك الطبيب قطعا أننا نكذب .
_______________________________ الجزء السابع | |
|